*-/gfhdتحديد واجبات الزوجين الأسريه

بما يضمن تعاونها المتبادل و عشرتهما الدائمة

من أهم ما تتطلبه السعادة الأسرية و يحقق للزوجين أجواء السكنية النفسية و البهجة القلبية و يدعم روح المودة و الرحمة بينهما ، هو معرفة كل من الزوجين لواجباته تجاه الآخر و حسن مراعاته لها ، لهذا فقد حدد المنهج الإلهي لتنظيم الأسرة الواجبات الملقاة على الزوجين بما يمنح لها الأجواء المناسبة لأداء مهماتها التربوية و يوفر لهما الراحة و الهناء بعيداً عن كل تعسف أو تسلط ، فقد أوضح القرآن الكريم تعادل الزوجين في الحقوق و الواجبات بما يناسب وظيفة كل منهما و تفوق الرجل بدرجة القوامة فقال وَلَهُنَّ مِثْلُ الّذِي عَلَيْهِنَّ بالمعْرُوفِ أو لِلرِّجَالِسبحانه : و يقول ابن كثير يرحمه الله فيعَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللُّه عَزِيزٌ حَكِيمٌ تفسير لهذه الآية " أي ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن ، فليؤد كل واحد منها إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف ، و للرجال عليهن درجة أي في الفضيلة في الخَلق و الخُلق و المنزلة و طاعة الأمر و الإنفاق وفي القيام بالمصالح و الفضل في الدنيا و الآخرة " .

كما وجه الهدي النبوي إلى وجوب مراعاة الحقوق الأسرية و الوفاء بالشروط المشروعة فعن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن أحق الشروط أن يوفي به ما استحللتم به الفروج " و قد أوصى الهادي البشير بمراعاة الحقوق الزوجية و الإحسان إلى الزوجة فعن سلمان بن عمرو الأحوص قال : حدثني أبي أنه شهد في حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه و سلم حين قال : " ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هنَّ عون عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك ... إلى قوله ألا إن لكم نسائكم حقاً و لنسائكم عليكم حقاً ، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ، و لا يأذن في بيوتكم لم تكرهون ، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن و طعامهن " .


و قد أوضح منهج الأسرة في الإسلام واجبات كل من الزوجين تجاه الآخر انطلاقاً من مسؤولياتهما المشتركة في رعاية الأسرة و توفير أجواء السعادة و الاستقرار و التعاون و التآلف فيهما .



الحقوق المشتركة بين الزوجين

لكل من الزوجين حقوق متبادلة بينهما قال تعالى : (( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف )) ومعنى هذه الآية الكريمة أن للنساء من الحقوق مثل ما للرجال من حقوق عليهن ، هذه الحقوق يجب أن تؤدي كحسن العشرة وترك الضرر ونحوه و يكون الأداء بالمعروف كما أمر الله تعالى ، وأن يحسن كل منهما من عشرته للآخر ، وأن يخلص في سره وعلانية لشريك حياته . وأن يبذل جهده وطاقته في إدخال السرور عليه . ومن الحقوق المتبادلة بين الزوجين حرمة المصاهرة .

ومن الحقوق كذلك توارثهما من بعضهما البعض إلا أذا وقع أي أمر يمنع أحدهما من أن يرث الآخر .

فإذا توفيت الزوجة قبل الزوج كان له نصف تركتها في حالة عدم وجود ولد للزوجة ، سواء أكان هذا الولد من زوجها الذي توفيت عنده أم من غيره ، ففي حالة وجود ولد عندها فله ربع التركة . أما إذا توفي الزوج فلزوجته إن لم يكن له ولد سواء أكان الولد من زوجته أم من غيرها ربع التركة ، أما في حالة وجود ولد فلزوجته في هذه الحالة ثمن التركة .

حق الزوج على زوجته

اعلم أن لكل من الزوجين حق على الآخر ، فلا تنتظم الحياة الزوجية ولا تستقيم إلا إذا علم كل واحد منها ما حق الآخر عنده فالتزم أداءه و عمل على الوفاء به ، فبذلك تستقيم الحياة الزوجية وتكون الحياة هانئة سعيدة لا ينغصها أي شيء ما دام كل واحد من الزوجين يعرف حق الآخر عنده . وقد ورد في تعظيم حق الزوج على الزوجة أحاديث كثيرة .

فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده عن أبي أوفى قال : لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه و سلم فقال : (( ما هذا يا معاذ ؟ )) قال : (( أتيت الشام فوافيتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم ، فوددت في نفسي أن تفعل ذلك بك ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( فلا تفعلوا ، فلو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، و الذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق بربها حتى تؤدي حق زوجها ، و لو سألها و هي على تب لم تمنعه ((.

و أخرج الترمذي عن أم سلمه قالت : قال رسول الله صلى لله عليه وسلم : (( أي امرأة ماتت و زوجها عنها راضٍ دخلت الجنة ((.

وكان صلى الله عليه وسلم يقول : (( إذا صلَّت المرأة خمسها و صامت شهرها و حصنت فرجها و أطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت)) .

و روي عن أنس رضي الله عنه قال : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها : (( أذات زوج أنت ؟ )) قالت : نعم ، قال : (( فأين أنت منه ؟ )) قالت : ما ألوه إلا ما عجزت عنه ، قال صلى الله عليه و سلم : (( فكيف أنت له ، فإنه جنتك ، و نارك )) .

و قالت السيدة عائشة رضي الله عنها : قلت : يا رسول الله أي الناس أعظم حقاً على المرأة ؟ قال : (( زوجها )) قلت : فأي الناس أعظم حقاً على الرجل ؟ قال : (( أمه )) .

و روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : (( خير النساء التي تسر زوجها إذا نظر ، و تعطيه إذا أمر و لا تخالفه في نفسها و لا مالها بما يكره .

و روي أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، أنا وافدة النساء إليك : هذا الجهاد كتبه الله على الرجال ، فإن لم يصيبوا أجروا ، و إن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون ، و نحن معاشر النساء نقوم عليهم ، فما لنا من ذلك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أبلغي من لقيتي من النساء أن طاعة الزوج واعترافاً بحقه يعدل ذلك ، و قليل منكن من تفعله.

فواجبات المرأة تجاه زوجها نختصرها بما يلي :

1 _الطاعة : و يكون ذلك في طاعة الزوج في كل أمر ليس فيه معصية لله تعالى ، وأن تقيم معه في داره ، وأن لا تغادر منزل الزوجية إلا بإذن الزوج ما لم يكن من ترغب في زيارته ذو رحم ، وأن لا تسمح لأحد بدخول منزله إلا بإذنه .

_2 الحفاظ على نفسها وعلى سمعتها وأن لا تدع أي أمر يلحق أذى بها أو بسمعتها لأن في ذلك امتهان للرجل وطعن لكرامته وسمعته ، وكذلك عليها المحافظة على مال الزوج كما تحافظ على مالها وأن لا تتصرف في ماله ولا في متاعه إلا بإذنه .

مخاطر الزوجة خارج المنزل:-

لقد أثبتت الوقائع و الحقائق أن الأسرة تتعرض لكثير من الأخطار بسبب قيام الزوجة بالعمل غير المشروع خارج نطاق الأسرة فتنعكس بآثارها على سلوك المرأة و وظيفتها الأسرية و علاقتها الزوجية و على سلامة صحتها و كرامتها و من أبرز هذه المخاطر ما يلي:-

أولاً: انحراف الزوجة العقائدي و الخلقي: حيث تمردت على أوامر الله و منهجه الأسري المحكم حين اختلطت بالرجال الأجانب و أباحت تعرضها للنظر المحرم أو ظهرت متبرجة عند خروجها أو سكتت عن الخلوة بزميلها في العمل أو المكتب ، و هذه المواقف ستسوقها نحو الانحراف في العقيدة و الإيمان و السلوك مما سينعكس مستقبلاً على علاقتها الأسرية مع زوجها و أولادها (( لأن كثرة الاختلاط بمن هب و درج من الرجال يفقد المرأة فضيلة جوهرية في عنصر جمالها هي الحياء و الخفر ، و من ثم يتسلط عليها ذئاب البشر من طلاب المتعة الدنيا )) .

ثانياً : تقصير الزوجة في مسؤولياتها المنزلية الهامة : التي فرغها المنهج الإسلامي للقيام بأعبائها على أكمل وجه ، و خاصة منها حرمان أولادها من وظيفة الأمومة و حنانها و عواطفها و رعايتها القلبية ، مما يؤثر على سلامة الأولاد السلوكية و الصحية ، و يعترف العلامة الانجليزي (( سامويل سمايلس )) و هو من أركان النهضة الإنجليزية : (( بان النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل مهما نشأ عنه من الثروة للبلاد فإن نتيجته كانت هادمة لبناء الحياة المنزلية ، لأنه هاجم هيكل المنزل و قوض أركان الأسرة و مزق الروابط الاجتماعية ، فأن بسلبه الزوجة من زوجها و الأولاد من أقاربهم صار بنوع خاص لا نتيجة له إلا تسفيل أخلاق المرأة ، إذ وظيفة المرأة الحقيقة هي القيام بالواجبات المنزلية مثل ترتيب مسكنها و تربية أولادها و الاقتصاد في وسائل معيشتها مع القيام بالاحتياجات البيتية .
ولا تتمكن الخادمة الجاهلة و لا مربية الأولاد الموظفة في دور الحضانة أن تقوم بالمهمات التربوية التي تقوم بها الأم بحنانها و إخلاصها (( لأن اعتماد المرأة العاملة على الخدم و على دور الحضانة في رعاية وليدها لا يؤدي إلى كمال تنشئته ، لأن الإخلاص له و الحرص على ابتغاء الكمال من كل وجه لا يتوافر في أحدٍ توافره في الأم ، لأن وراء إخلاصها و حرصها غريزة الأمومة ، و مهما تجاهلنا جنايات الخيانة و الإهمال و الإفساد التي لا تحصى شواهدها في واقع الحياة .

















الخاتمة
فنقول لهؤلاء اتقوا الله عز وجل وساووا بين زوجاتكم في إيصال الحقوق إليهن ولا تلقوا بين زرجاتكم عن شرع الله عز وجل واعلموا أنكم مسؤولون عن ذلك يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ..






المراجع:


كتاب تحفة العروس في سعادة النفوس

للشيـــــــــــخ إبراهيــــــــــــم رمضــــــــــــــــــــــان

كتاب مزايــــــــــــــا نظـــــــام الأســــرة المسلمــــــــة

أحمــــــــــد حســــــــــــن كـــــــــــــرزون

شكرا جزيلا لك يا المعلق
والله يعطيك العافية
اننا ننتظر الجديد

شكرا المعلق